كردستان العراق : بين الانفصال وتغليب لغة الحوار ووحدة البلد

2017-10-16
188
 العراق الحر نيوز / بقلم : محمد العبودي 
لنبتعد عن الاجواء المشحونة عرقياً وعن اساليب المؤسسات الاعلامية التي تسوق الاحداث بطريقة تثير المتلقي ونقترب لنستقرء ماهية الانفصال بشكل منطقي ومدروس ووفق مراجعة تاريخية دقيقة ومحايدة للمقارنة بين محاولات دول بالانفصال عن دول اخرى ،ولنطلع على مثال من محاولة بعض هذه الدول وهي ،مونتيغرو ( الجبل الاسود) التي قد اختارت الانفصال عن صربيا وبموافقتها ،إذ هي أجرت الاستفتاء عام 2006 واتمت ذلك وأعلنت بعده الاستقلال بطريقة حضارية سليمة ولم تورث عداوة او نزاعات دائمة ، وحذت حذوها اسكتلندا بطريقة نفسها عام 1914 ،الا ان نسبة 55% من الشعب قد رفض الانفصال ،فيما اتفق الشيك مع السلوفاك عام 1993 على الانفصال بالطريقة الحضارية نفسها دون حرب او عداوة ،وكذلك استفتاء أرتيريا عن اثيوبيا عام 1992، وايضا استفتاء تيمور الشرقية بالانفصال عن اندونيسيا عام 1998، واما في جنوب السودان عام 2007 انفصل الجنوب بعد حروب ومجازر وصراعات مسلحة استمرت عشرات السنين. ولابد من طرح العديد من التساؤلات لاجل بيان امكانية نجاح انفصال كردستان وعلى غرار ماجرى من تجارب في تلك ادول التي ذكرناها ، وابرز الاسئلة هي: هل هنالك مقومات اقتصادية لضمان استمرارية الدول وضمان رفاهية الشعب ؟ ومن خلال المعطيات نجد ان لدى كردستان احتياط نفطي يقدر ب 60 مليار برميل وانتاج يومي يصل الى مليون برميل يوميا ، وكذلك وجود منافذ لايرادات اخرى في قطاعات السياحة والزراعة والمعادن وهذه عوامل ايجابية مشجعة للانفصال وهناك عوامل سلبية بهذا الشان وهي : منافذ الحدود فكردستان تفتقر لاي منفذ بحري للاستعانة بها في مسالة تصدير النفط واستيراد المواد التي لا يمكن شحنها جواً ، وعلى مستوى الحدود البرية فجيرانها كايران وتركيا وسوريا فد كان موقفهم منذ زمن بعيد وحتى اليوم رافض رفض قاطع للانفصال فضلا عن موقف العراق الرافض للفكرة منذ البداية ،ما يجعلهم في موقف الاغلاق التام من جميع الجهات . وجميع هذه الدول سعت الى غلق حدودها امام كردستان بعيد قيام استفتاءهم الذي اجروه في 25 من الشهر الماضي ، وبذلك سيتم ايقاف الدور التسويقي لاربيل الذي لعبته طوال 14 عام وعلى جميع الاصعدة الاقتصادية والسياحية مايتسبب بتراجع جميع ايراداتها وخسارتها خسارة فادة بدون تعويض .
وتجد الاشار الى ان الانفصال سيتسبب بخسارة المناصب الحكومية الممنوحة لكردستان ومن بينها رئيس الجمهورية والوزراء وقادة الجيش والسفراء والمدراء العامين والوكلاء والمستشارين وكبار موظفي البعثات الدبلوماسية ،ناهيك عن التسبب عزوف وعدم تمكن عشرات الشركات العالمية وممثليات الامم المتحدة والمنظمات الدولية التي اختارت كردستان مقر لها من مزاولةادارة نشاطها في العراق واتي كانت لها الدور الكبير في منح العملات الصعبة والوظائف لمواطنيهم . وهناك تساؤل: هل سيتم الاعتراف الدولي بالدولة الوليدة في الامم المتحدة ام انها ستبقى خارج دوائر الاعتراف مثل كوسوفو وتايوان وابخازيا واوسيتا والقرم ؟ من خلال تصريحات مجلس الامن والامم المتحدة والاتحاد الاوربي والجامعة العربية ودول المنطقة ترفض هذا الاستفتاء ولا تعترف بها ك دولة وسبب رفض المجتمع الدولي لهذه الدولة لان هناك مجموعة توازنات في المنطقة يعي بها الجميع . وهناك سؤال اخر: هل الشأن الداخلي لهذه الدولة سيستقر .
في حين ان معظم الاراضي ما بعد 2003 مثل كروكوك وسهل نينوى واجزاء من صلاح الدين وديالى غالبيتهم من القومية العربية والتركمانية هم يرفضون الانفصال وهذا ما نستنتجه من خلال نسبة المشاركة التي بلغت 72% وتساؤل حول الجيش الوطني لهذه الدولة هل هو قادر على حماية البلاد في حالة تعرض البلد الى اعتداء من قبل دول الجوار ؟ لاسيما وان دول الجوار اشد المعارضين لهذا الاستفتاء من خلال التصريحات الرسمية لهذه الدول .
ويرى العالم اجمع بان هناك محاولات تضييق تجريها الدول المعارضة بما في ذلك العراق حيث نفذت مناورات بين الجيش العراقي والجيش التركي مع غلق المنافذ الحدودية والحضر الجوي ،ويضاف الى ذلك مواقف تركيا وايران وسوريا التي تخشى هذا الانفصال على اسس قومية والرفض الدولي لهذه المحاولة ولاسباب متعددة . فخطوة الاستفتاء بذاتها قد تسببت بحصول مشكلة في هذه قد جاءت عكس عكس ما كانت تتمناه كردستان ،وهناك ازمات واجهتها تجارب جنوب السودان التي اعلنت استقلالها في 9 يوليو 2011 ،فهنالك تقارير تحدثت عن ان اكثر من نصف سكان جنوب السودان يعيشون تحت طائلة الفقر المدقع مما دعا الجمعية العامة للامم المتحدة الى اضافة السودان في قائمة البلدان الاقل نماءً وايضاً ماجاءحسب موقع ال BBC في 20 فبراير 2017 ان جنوب السودان اول دولة تعلن المجاعة منذ 6 سنوات بسبب الحرب الاهلية ولانهيار الاقتصادي ، وهناك تراجع خسائر في دول فكرت بالانفصال عن مجموعات الاتحادات المنضوية فيها كبريطانيا وقطر وغيرها ،فبريطانيا التي تصنف من القوى العظمى في العالم بسبب استفتائها بالانفصال عن الاتحاد الاوربي قد خسرت وفق دراسة احصائية 224 مليار جنيه استرليني اي 299,6 مليار دولار وخسر البريطانييون خاصة في الشركات الكبرى التابعة للاتحاد الاوربي فرص عمل بالملايين حسب صحيفة الاندبنت وهناك عدة من القطاعات بسبب فقدان الصلة للأسواق الموحدة للاتحاد الاوربي مثل المواد الكيميائية والخدمات المالية والسيارات والهندسة الميكانيكية وسيواجه منتجوا السيارات الكثير من المشكلات في مجالات الاستثمارات الاجنبية التي تعتمد على افتراض ان بريطانيا جزء السوق الاوربي الموحد ،حيث ان احد دعاة او عرابين الانفصال عن الاتحاد الاوربي رجع ونظم حملة لاعادة الاستفتاء ضمت 3 ملايين بريطاني ولكن بعد فوات الأوان والمثال الاخر هي قطر الدولة الثرية تمثل المركز الاول عالمياً في متوسط دخل الفرد من الناتج القومي 129 الف دولار سنوياً ومع هذه القوى الاقتصادية عندما فرض حصار عليها من المنظومة المنظوية فيها سببت لها خسائر قدرت وحسب الاحصائية ب 100 مليار دولار . اذن بريطانيا وقطر واجهوا كل هذه الخسائر بدون ان ينفصلوا من دولة ما ، بل مجرد غادروا منظومة دولية كانوا جزءً منها ، ونقول فما حال اقليم مجرد اجراءه لاستفتاء وبرغم انه وصف من الجميع بانه دستوري قد تسبب بثورة وهيجان شعبي وجماهيري واقليمي وعربي ودولي كيف يكون مصيره وحال امجتمع والشعب في حال قدومه بتنفيذ فكرة الانفصال ، فعلى الساسة في كردستان تغليب لغة المصالح والرجوع الى العقل والمنطق و تغليب المصلحة الوطنية لابناء كردستان الذين هم الجميع بمصلحتهم حكومة العراق والمرجعيات وايضا الامم المتحدة وكان موقف الازهر الشريف مضاف الى ذلك مع الرفض للغة الانفصال .انتهى

 

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والاعلان